روائع مختارة | قطوف إيمانية | التربية الإيمانية | كم من الجدران ينبغي أن نهدم.. وكم من الأشجار لابد أن ننتزع؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > التربية الإيمانية > كم من الجدران ينبغي أن نهدم.. وكم من الأشجار لابد أن ننتزع؟


  كم من الجدران ينبغي أن نهدم.. وكم من الأشجار لابد أن ننتزع؟
     عدد مرات المشاهدة: 1763        عدد مرات الإرسال: 0

هل تتوقع أن ترى ذات مرة رئيس بلد وبالأخص بلدٍ عربيٍ، يزاحم الناس بالسوق بعيدًا عن حراسه، ويبذل جهده في إقناع امرأة عجوز بحمل متاعها بدلًا عنها سعيًا منه لمساعدتها والتخفيف عنها؟!!!!

وهل تتخيل معي أحد كبار أغنياء العرب، يمشي خلسة في عتمة ظلام الليل إلى منزلٍ قديم شبه مهجور، يفتح بابه بحذر؛ ثم يدخل لكي يغسل ملابس امرأة فقيرة مقعدة، وينظف لها بيتها، حيث لا مساعد لها أو رفيق؟!!!!!!!

وحتى لا يذهب بنا الخيال بعيدًا . . تعال لننزل بمستوى تلك الشخصيات لنستبدلها من رؤساء ورجال أعمال إلى رتب صغيرة ولو في الجيش أو الشرطة. .

فهل تتخيل معي أحد هذه الرتب ينهى الناس ذات يومٍ عن الوقوف له عند مصافحته حينما يدخل عليهم وهم جالسين؟!!!!

كل هذه الأمثلة وما على شاكلتها تعتبر دربًا من دروب الخيال، وما كان لهذه النماذج من الناس أو الشخصيات أن تقوم بهذه الأعمال أبدًا؛ لما ستجد في قلبها من المشقة النفسية التي لا تحتمل أو تطاق!!

من هنا يتضح لنا كم جدار من جدران الكبر والخيلاء وجنون العظمة وحب الاستعلاء والتفاخر والزهو على الناس قد هدمها في نفسه خير الخلق وأحبهم إلى الله، صلى الله عليه وسلم وهو القدوة، ومن خلفه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهو خليفة خير قدوة، وغيره من الأعلام كخالد بن الوليد وغيرهم من عظماء هذه الأمة بحق، حين خفضوا جناحهم لأخوانهم وأمتهم، واتخذوا من التواضع لله، وذل النفس له سبحانه أسرع طريق نحو رضوانه وجنته!!

إن العوائق التي تمنعنا من القيام بتصرفات غير اعتيادية، وغير مألوفة لدى الناس، ولكنها تشق بنا الطريق سريعًا نحو رضوان الله تعالى، لهي جدران قد أسسناها في نفوسنا أو تأسست فيها على حين غفلة منَّا!!

فمن منا _ ونحن من عوام الناس _ قد حدثته نفسه يومًا أن يقوم بفعل أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه، من تنظيفٍ لمنزلٍ قديم لكهلة مقعدة تقطن في الحي الذي يسكنه خفية عن أعين الناس؟!

بل دعوني أسأل. . من منّا تنازل وحاول حتى مساعدة أمه في تنظيف منزله الذي يسكن معها فيه أو تسكنه بمفردها وهي أمه، ولا أقول منزلًا آخر لامرأة مقعدة؟!!

علينا أن نواجه حقائق دفائن نفوسنا، ونكسر الباب الخلفي لمزرعة تلك النفس، لنرى كم زرع فيها من أشجار الكبر والخيلاء والغرور على حين غفلة منَّا!!!

وكم نحن بالفعل أبعد ما نكون عن المعادن الحقيقية لنفوسنا، وما تخفيه من أمراضٍ بئيسة عنّأ؟!

إن البعض قد يظن أن التمكين الذي ننشده قد تأخر، ولا يدري هذا البعض المسكين أن من عظيم رحمة الله بدينه ألا يمكن لأمثالنا ونحن على هذه الحال!! لأن ما بنا من أمراض وعيوب خفيت حتى علينا نحن أنفسنا!!

ولو قدر الله وأتاح لنا ونحن بمثل هذه النفوس فرصة التمكن من رقاب العباد؛ لكانت المحزنة والمخذلة بعينها!!! بكل ما تعنيه من معاني الفشل والخزي والعار!!!

إذًا لابد من تزكية النفوس بالمستوى الذي يليق بنقاء وطهارة هذا الدين.

ولتكن معادن عامة الناس ما تكون!! ولكن من يحمل أمانة دين الله والدعوة إليه، لا عذر له بحال أن يهمل تزكية نفسه، وتطهيرها عمليًا وليس فقط بالقول والتمني، لأنه أصبح يمثل هذا الدين ويتحدث للناس باسمه، بل إن الأمر لا يحتاج حتى إلى الكلام أو الحديث، إذ تؤخذ كافة تصرفاته الصغير منها قبل الكبير، عند الناس بمثابة اللسان الناطق عمَّا رباه عليه دين الله، وما تعلمه من هدي رسوله صلى الله عليه وسلم. فإذا ما علمنا ذلك. . توجب علينا العلم أيضًا . .

 كم من الجدران ينبغي أن نهدم في نفوسنا؟!

 وكم من الأشجار لابد أن ننتزع منها؟!

 الكاتب: أبو مهند القمري

المصدر: موقع صيد الفوائد